ان أدخل جسدي.. وأحبه*

 كنت أظن أن الجزء الأصعب كان العيش بكل تلك الأحمال في رأسي، أن أفلت منها في كل منعطف وأكتب عنها كي لا أنسى أنني أفوز من وقت لآخر. لم أكن أعرف أنني أرعاها كما يربي الراعي حيوانا أليفا. أتفقدها إن شردت، وأعدها كل مساء كي لا ينفلت أحدها ويضيع. ثم جئت.. ومنحتني صفحات بيضاء، لم تطالها وحوش الطفولة. بيضاء جدا لدرجة أن ضحكتك الخفيفة ستطبع أثرها عليها كعضة رضيع يلهو، ندبتين من نور سكران. 

 وُلد حبك والخوف توأم في قلبي يكبران معا بنفس القدر. علمتني الأسماء كلها ورحلت. وحين  صليت لأجلك، وكإيزيس خائفة جمعتك من المشاوير والأحلام والبكاء، عدت بعد سنوات بألوان أكثر، ومحبة أقل، كان ذلك كثيرا، وكان كافيا. كان مؤلما جدا. وكان كثيرا أيضا. 

لا يمكنني سؤالك أن تعود لأجلي مرة أخرى، لا أعرف إن كنت أستطيع، لا أعرف إن كنت أريد. أعرف أنني أريد، للأسف سأريد أي ما يمكن أن تسمح لي به، طرف ظفرك الذي تقصه، شعرك العالق في الفرشاة، بقايا كلام كنت تنوي قوله يخص كرسي فارغ ومكسور. كل ما يمكنك تركه وراءك  سيكون بالنسبة لي كثير. 

أقول لنفسي بينما يقرصني الغضب من وقت لآخر لا أعرف إن كنت أحبك الآن. بينما النمل يستعمر جسدي الذي اكتشف المحبة معك، وماج بالتوق إليك كبحر حبيس. وكلمة "أحبك" التي لا أقولها تحترق في جوفي كإطار قديم. وحيواناتي الأليفة كلها في وادٍ جاف تنبش الأرض من الجوع. وتلتفت إلي وتقترب في خبث. تتشممني وتلحس وجهي كإعادة لمشهد شهير ومُرضي. 

الحزن بارد جدا. وجسدي يؤلمني كعجوز. جسدي عجوز جدا الآن. وأفتقد صوتك، ملمس كفيك، ويديك حين تلمني فأدخل جسدي وأحبه. أحبك. حتى وأنا لا أريد أن أقولها. حتى وأنت بعيد جدا ولا تريدني. أحبك. وأفتقد كل ما عرفته منك، كل ما عرفته معك، كل ما لن أعرفه بعدك. أفتقدك يا حبيبي. وأفتقد أن أخبرك أنني أحبك، بحماسة واعتزاز كبيرين. أحبك جدا. أحبك. ولا أعرف ماذا أفعل وفي جوفي كل هذا الحب! 



*نص لا أتذكر في أي عام كتبته. 







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نعرف هذه الأيام جيدا حتى سئمناها (٢)

تمارين كتابة مع أوسة(١)