بنَص بارد

كفنجان قهوة بارد  نحن محزونات.
تدوينات البنات تتشابه.. وخلف كل نص رطب.. طفلة تبكي..جميعنا يتيمات بشكل أو بآخر.ينزفن ليلا, ويحترقن في حروف. وفي وطن يحتقر مجال التمريض كمهنة.. أين سنجد من يجيد بفخر تضميد جروحهن.

فنكتب.
ليتذكرهم العالم كما ينبغي.. كي نتذكرهم كما يليق.

نصوصنا عجوز, وحيدة, تعبة وبائسة. نصوصنا تشبهنا في المساء     

 بنص بارد كرواية تخلو من كلمة "أحب", او جملة يمكن أن تصلح كرسالة شخصية لأحدهم  

 بمكاني أن أتذكر كم أنا قوية.. بامكاني أن أتذكرني.. أن أقول.. أنا أعرف

أنا أكره
أنا أريد
أنالا أهتم.. وأن صوته فقد طعم نادية* الذي نكهته به

أنا لا أهتم يا صديقة.

بنص بارد بامكاني أن أتجاوز الجرح الذي نتعهده بالملح كل ليلة فيكبر بمنتصف الأسِرة  

وبامكاني أن أحكي عن ضفيرة أمي دون أن أبتذلها بالحزن المتداول .

لم آخذ عن أمي جمالها لكنها  أورثتني ضفيرتها..
كانت لأمي ضفيرة حبيبة..ضفيرة ناعمة من الساتان الاسود كنا كلما عدنا من المدرسة أو الشارع وانحنت أمي لتستقبلنا تنحني معها وتقترب من كفي وتسألني عن سلامتي.. كنت عندما أمارس طفولتي وأجلس في حجر أمي أمد يدي من فوق كتفها أجذبها وألاعبها.
كانت تسابق خط القلم الرصاص فوق الحائط.. وتضحك من أصابعي التي افردها بشكل مضحك وبرئ وأنا أشرح كوني تخطيت "الشبر ونص" من زمان.. أنا أصلا طويلة خالص".

كانت أول ليلة أشعر بالخوف.. بأن كل شيء مختلف الآن وبارد ..فاجأتني في الصباح.. كانت متعبة وحادة كقطعة زجاج مكسورة لكنها بدأت تزحف فوق ظهر أمي كطفل يحبو للمرة الأولى وتتخطى "الشبرونص" خاصتي.
لم أعد أخاف كلما قصتها.. كنت أعلم أنها ستعود قريبا تنحني لتمسك بكفي كلما وقفت مع أمي في المطبخ.

 
   

قصت أمي ضفيرتها حين مات أبي.. لكنها منذ ذلك الحين لم تتخطى كسرها ..وظلت صغيرة خائفة.. حادة الحواف كحريق صرت أخجل من أمي من يومها.. أداري ضفيرتي بمنديل وأتحجج بالصداع كلما زرتها.. أقصها كل فترة.. أعاقبها على حزنها الزائف وأكسر سوادها بصباغ من ذهب يداري سوأة المشهد

 

. أنا أصلا مابحبش الشعر الطويل" أجيب كلما لامني أحدهم

أنا أصلا مابحبش الشعر الطويل.. أنا أحب ضفيرة أمي  .

..  ____________

* نادية: ديوان لخالد عبدالقادر