العجوز.. والعجوز

مدخل:
أتبادل مع صديقة طفولة منذ عدة  أيام رسائل مواساة.. أكتب لها ما قيل لي منذ عامين وعشرة أشهر.. كان آخرها أن أطلب منها أن تتماسك كي لا يغرقها الحزن وتجر وراءها ما لن تستطيع جمعه مرة أخرى.. كان كل شيء يسير كالمتوقع ..لم يكن عليها فعل ذلك .. لم يكن عليها أن تقول" بقينا يتامى زي بعض"  she didn't have 2 be that mean
جرحها الأسود الطازج وحمرة عينيها تمنحان وجهها البراءة واليأس المناسبين لحضن قوي يثبت أوصالها من جديد.. يداي باردتان كوجبة مجمدة ومعدة سلفًا.. أقرأ رسالتها فأذوب.

وأتذكر..
وقتها انخرطت في الكتابة.. في البداية اعتقدتها لازمة نفسية ما.. كنت أكتب ليتسرب القليل من الدخان من جلدي فلا أنفجر أو تنطفئ قدماي.. أعتقد في بداية تلك الفترة بالضبط تقابلنا.. وكنت لا أشعر بشئ.

لأن الكتابة تشبه الشعور بالأشياء كنت أكتب .. أقول للآخرين أن يتفادوا الغرق في الحزن وأكتب لأشعر بشئ ما, أي شيء, غضب/ حب/ كره/ رغبة أي شيء يمنح قطعة اللحم المقدد التي كانت تنبض تتبيلًا مضبوطا يظهر النكهة. أمد يدي من وقت لآخر لأناول أحدهم ملعقة أو جورب نظيف وأحدثك عن البقاء أحياء بينما تتصاعد كل فترة فقاعة هواء صغيرة من فتحة أنفي..

أحيانا أتمنى لو أصرخ كمراهقة في مسلسل تليفزيوني أمريكي غاضبة على أبيها الذي تُوفي وتركها وحيدة.. أو كبالغة يظلم صوتها حين يقودها الحديث إلى كون أبيها  ميت.. أو رجل يخشى ألا يكون أبًا جيدًا لأنه لم يحظى بواحد يوما..أوأصرخ كأنا لا تستطيع الاستيعاب حتى الآن.. أتمنى أي شيء.. غير ذلك الحزن الذي يستهلكني في هدوء. شيء يبطئ دورة الوجع في عروقي, يحميني من جسدي الذي يخونني في السادسة والعشرين من العمر.. كنت أصرخ طلبًا للمساعدة.


أنا غارقة منذ وقت طويل وأكتب لأنني أحتاج الأمل.


إليكَ..




تعليقات

‏قال إبـراهيم ...
تجيدين التقليب في المواجع

باقتدار
...
..
.
وبعدين بقى ؟!!
‏قال Muhammad
إثر موت أبى فى مارس، توقفت طويلا عند الطريقة التى يتلقى بها الرجال هذه الفاجعة. لم أكن أعرف كيف يتلقاها النساء؛ إذ لم يُتح لى من قبل أن أكون امراة؛ لأسباب. بعد الاطلاع على بعض الكتابات النسائية فى الموضوع، وجدت أن الفارق (لو كان موجودا أصلا) ليس كبيرا على الإطلاق، حتى الغضب - فى لحظات - تجاه الراحل الذى تخلى وسط الطريق، وعدم الاستيعاب، وهلم جرا .. حتى ذلك كله واحدٌ وشائع، ربما إلى الحد الذى يمكننا أن نزعم معه أنها ثيمات عامة
universal

بصورة ما، تستحيل "لن أعيش فى جلباب أبى" إلى رغبة فى العيش داخل نفس الجلباب، استعاريا وحرفيا؛ شخصيا، ورثت عن أبى جلبابين أو ثلاثة

رحمهم الله وألحقنا بهم فى دار رحمته
‏قال سوبيا
محمد كتبت ردا طويلا ثم حذفته.. أقول رحمهم الله ورحمنا معهم

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لا شيء آخر في البال

لو أننا نلتقي/ حين نلتقي

والغسيل عمال بينقط