صفر / أو محاولات فاشلة لتخطي ديناصور غافٍ



الحكاية منقوصة. كل حكايات الحب منقوصة، الحبيبة تحكي عن الانتظار كحجرة، عن النار التي تلعق أطرافها كقط منسي. لكن هل تحكي له عن الزمن؟ كم مر منذ أول مرة تقابلنا؟!
الوقت يمر سريعا، كأنه يغير ازدحام الطرق، يعيد تشكيل المنعطفات، ويمنحنا رحلة لا يقطعها غير طرق المطر على الزجاج.
عمري يتفرع منذ تقابلنا وتتشعب أوديته. الوقت صار يصلح للفرح كما شراء مستلزمات البيت المتكررة، للمحبة كما طي الملابس، للحياة كما إرهاق الانتظار حتى ينتهي الآخرون عن الضجيج ويأتي الليل بالوحدة.

أشياء غريبة تحدث هذه الأيام. بالأمس اكتشفت أنني جميلة، واليوم اكتشفت أن بإمكاني رؤية البحر! ولا يمكنني الانتظار لمعرفة ما ينتظرني معك غدا.

(صفر) 
كل شيء يحتاج للوقت، يستوي في ذلك الحب والتجاوز، المعرفة أيضا تحتاج للوقت، آلة الزمن التي دعوتك إليها بحماسة مليئة بالشروخ، ويمكنني تحسس لفتة شاردة من الخيبة، كل شيء يحتاج للوقت مهما أردناه بشدة، أعرف ذلك الآن. وأنا أحاول. فلنحاول سويا. 


(٢)

 محبتك  تحيل الحياة لبلورة تموج بالألوان، والهامش لمتن، والانتظار الطويل لقطار بلغ محطته للتو. تمنحني أكثر من راحة الأمل ومتعة الوصول. تمنحني توقا لشيء في هذا العالم. أحبني. ثمة ألعاب نارية وورود وأشجار من ليمون تزهر تحت جلدي الآن. وقطة تتمطى، قطة تدعى الحياة. أحبني.. أكثر. 

(٣)

لم أكن أفهم لمَ أتذكر عناويني القديمة لكنني لا أتذكر ما حدث خلف كل باب، أو كيف أتذكر فساتيني المفضلة ولا أتذكر أين ذهبت وأنا أرتديها، كأنني أذوب في الريح بين حين وآخر وأتخفف من أثقالي.
الآن أعرف أنني كنت أتهيأ لقدومك،  أتحرر من كل ما لا يخصني وأفتح نافذة على الحياة، خفيفة من كل سوء. منفصلة عن ذكرياتي كمانيكان، يحدق في المارة بلا عينين.


(7)
بعينين انتبهت لتوها للعالم استكشف ملامحك كأثر قديم.  للصدفة أثر التأريخ، للمسة أثر الفرشاة. وللنظرة كل ما بقي. وأنت.. لي. 
ساعتي تدور للوراء، جسدي وتر تحت أصابعك، وخدر شفيف يتضوع بين الأغطية. ثمة موسيقى دافئة تسيل وحرائق صغيرة تشتعل، يمتزجان دون أن يمحي أحدهما الآخر. وأنا لك.


(٦)
يمكنني اختراع عشر طرق مختلفة لقول الشئ نفسه، يمكنني ابتكار عشرين أخرى للتلميح، ومثلهم للدوران حول الأشياء وربما أثمن الوقت أكثر فأعبر من أقصر مسافة، أتخطى عجوزا أو من فرجة الباب أمر. ماذا كنت تقول؟، هل فاتني شيء منك؟ كم نما شعرك اليوم؟ أرني، هل اختلفت أظافرك، طعم رقبتك أو رائحتك؟ اقترب قليلا.. يا إلهي.. كم أنت جميل اليوم!


(١)

أنا أحيا في بئر معطلة. الكتابة هي ذلك الحبل الذي يمده الله لي بين حين وآخر حاملا ماء وطعام. الكتابة هي لمحة قصيرة عن الحياة "الحلوة" خارج عقلي لمحة تختفي بمجرد أن ألمس الحبل فأفكر مجددا في الوحدة والعطش. فأكتب كمن يتشبث بحبل ذي عقد.
كتبت كثيرا.. حين تسمم الأفق، وحين نزل المطر، ومرة بعد أخرى. كمن يعيد كل يوم آخر محاولاته للإمساك بشيء يخصه وحده في هذا العالم. شيء يبدأ عنده أو ينتهي إليه. وفي الخامسة والثلاثين يمكنني أن أخبرك أن معظم ما كتبته لم يكن جيدا جدا. حتى وإن أوصلني إليك هنا. 

(٢-١)
.... يمكنك أن تستنتج هنا أنه لم يؤلمني شيء أو أحد في حياتي بقدر الأشياء التي أحببتها حقا. لذلك ذاكرت أخطائي جيدا حتى توسدت السلامة. عشت أقدس المسافات وأقبل الهوامش . أخاف الشر الكامن في الإنسان، والأيام، والمحبة الجارفة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نعرف هذه الأيام جيدا حتى سئمناها (٢)

تمارين كتابة مع أوسة(١)