تاررا



منذ فترة لا أتذكر كم بالضبط اصطدمت بهذا المقطع. عند الثانية ١٢ تقريبا وجدتها أخيرا.. الإبرة في كومة القش!
كان  رأسي يشتعل من الحماسة. وجدتها أخيرا. لا لابد أنها الحياة الحلوة التي يحكون عنها. خاصتي!، نعم هي لا شك.
يلقيها هكذا كسر بقى خافيا لقرون حتى انطفأت الرغبة في البوح به. ألقاه كأنه لا يبالي فاهتاج أمامه في الماء، حتى أنه يمكنك أن تلاحظ ضربة ذيله الأخيرة في حنجرته قبل التفلت للأبد. نعم.. بالضبط.. عند الثانية العشرين تماما. 
 ينفثئ قلبي كلما سمعتها ككرة من العجين، أكررها فتتجمع المياه في البئرين، لتكفي العالم، وأنه لم يكن هناك حاجة للألوان منذ البداية إذن. 
كلما حبستها داخلي وجدت قلبي معلقا من عنقوده كهدال، يتبادل تحته كل عشاق العالم القبلات، ويمور دمي عند شاطئ أخيرا. 

لو كانت هذه الـ "تاررا" مدينة أريد أن أعيش فيها، لو كانت شارعا أريد أن أمضي فيه حياتي كلها، لا أخرج منه أبدا. لو كانت وجبة ساخنة لصنعت منها آلاف الأطباق ووزعتها على الجميع، لو كانت سيدة لأخذت جلدها وارتديته كلما هاجمتني الكآبة، لا لو كانت امرأة لأمسكت يديها بين يدي ونظرت عميقا في عينيها، وانتظرتها حتى تبكي بينما تنادي على النادل، أو تنهي وجبتها،  وللعقت دموعها لكي لا يهدر جمال كهذا يحتاجه هذا العالم.
لو كانت هذا الـ "تاررا" كتاب لوقفت في النافذة اقرؤه بصوت عال، على المارة، والباعة الجائلين، و الأطفال في ذهابهم للمدرسة وعند عودتهم لبيوتهم ليلا مغبرين باللعب والنعاس.

أسمعها مرة بعد أخرى فيعلو الصليل داخلي، وتنمو روحي كمرمرية. تاررا. هل ترى الآن؟!

______


*كنت أريد قول ذلك حينها، لكن بدا  شئ ما ناقصا وثقيلا، أعتقد أنني التقطته ثم نسيته ، أو ربما كان مبالغا في تعريفه، لا أتذكر ماذا حدث. يمكن لأشياء صغيرة أن تمنعنا من النوم، ويمكن لأخرى أن تلقي بنا في الجب، أو تُلين الحسك قليلا في رأسي، أو تستبدله بمخارز من حديد، أعتقد أنه لو هناك من حكمة يمكن استخلاصها من كل ذلك- مادام يتعذر فهمها من السياق:
Being stable, doesn't mean being in control. 
وأنني أشبه أحيانا غزالة جريحة وتائهة تحاول عبور الغابة، أو العودة إلى البحر. البحر يشبه كلمة تريد أن تكون شجرة، أو حساء دافئا، أو حبا حقيقيا، أو تاررا. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نعرف هذه الأيام جيدا حتى سئمناها (٢)

تمارين كتابة مع أوسة(١)