أكتب خطابا لصديقك الفرنسي تدعوه لزيارة مصر. .

وبينما أنت تحضر ورشة (ومش مدي خوانة) يحدث أن يطلب منك كتابة (جواب) من جسمك لك. 
-أيوة؟! "بصوت اللمبي" 

.... 

الألم حقيقي.. وإن كنت أعرف الكثير عنكِ – وأنا أعرف الكثير فعلا- لقلتها مرارا. الألم حقيقي يا إيمان. لا يهم عدد الأقنعة التي ترتدينها فوق بعضها حتى لا يبقى أي شيء حقيقي منك ظاهرا للآخرين. أعرف أقنعتك كلها. لديكِ دمائي الجافة وخصلات شعر وكشطات جلد تخصني على كل واحد منها.  أعرف سبب كل رضة وكل تورم. ومن أين يخرج الوحش. وأن أكثر الأشياء رعبا هي التي تهمسين بها لنفسك مرة بعد أخرى ويتداخل صداها كفحيح. وأعرف كل الحيل. تواطأنا على تقييفها معا. بالتجربة والنتائج. خبرتنا كونناها سويا،  يدك في يدي.. يدي في يدك، يدي في يدي. وحلقنا مشروخ.
 لذلك كلما بكيتي ليلا حين لا تقدرين على رؤية بارقة ظلمة عادية، أو حين تتشككين في الأصوات داخل رأسك أنبش عن أي قوة داخلي وأمد يدك اليمنى نحو منزلق كتفك الأيسر وأربت عليه، أو حتى أحاول.
الألم حقيقي، العمر قنبلة موقوتة لكنه يحمل عدادا. الأمس، كل أمس مرآة توضع على حائطك، كلما عبرتي ردهة رأيتي الألم كله مرة واحدة، منعكسا، شابات نحيلات وصبية بظهور مشقوقة وعيون دامية، أعلم أنكِ تبكين كثيرا. وأعلم أن الألم كل لحظة حقيقي.
الألم حقيقي. وأنتِ مولودة من مرآة أيضا.. خرجتي مقلوبة تتلمسين أعضائك.. بمخاريز.. تتملصين من المواعيد قبل أخذها، تتجاهلين التحية قبل الخروج من السرير. تهربين من الحب قبل أن يمسك كفك طويلا عند المصافحة، وتفكرين كل يوم بالموت أكثر من الحياة.
أحاول ألا أخذلك، أفتح فمي حتى تتأكدي من ابتلاعي للأدوية مرة بعد أخرى. أحاول أن أقوم من السرير حين تريدين، أن أتوقف عن البكاء، أو أكتم الألم الذي يفور في مفاصلك، أن أتصرف كثلاثينية تريد احتضان طفليها أو الابتسام لوردة، أو أن أبكي حين تريدين. 
أو ربما أن أتوقف عن المشي على أطراف أصابعي بينما أشتعل من الحماسة وأحاول كتابة جملة واحدة ولا أستطيع. حتى أنتبه للدخان المتصاعد وقلبي الذي ينفث غبارا. أحاول.  وأؤمن أنني سأنجح يوما.
أنا لا أستطيع السيطرة على أي من ذلك. أحاول، نحاول لكننا لا نستطيع. الدواء يساعد  ويطفئ، لا يمكننا الحصول على كل الأشياء، وكل الأشياء لا تهم من مكاننا متكورين كجنين مرعوب ومرهق في طرف السرير البعيد.
الألم حقيقي. ولو ولدتي بعقل يفكر في الموت أكثر مما يعرف عن الحياة فلقد دفعتي الحساب مقدما. التقطي أنفاسك، وحاولي ألا تفكري في اللحظة التالية أبدا. 
الألم حقيقي. الدواء يساعد ويطفئ. نحمل الأمس على ظهرنا، ونحاول أن نجعل الغد أفضل. وإن لم نستطع دعينا لا نحمله الآن على ظهرنا أيضا. لن يأتي حتى الغد، لنحمله غدا. واليوم.. الآن. لنرى كيف نشعر. كل دقيقة بوقتها. كل نفس على حدة، لنرى كيف نشعر الآن ونحاول ألا نموت في أثناء ذلك. ربما كانت وصفة جيدة.. أخيرا.

تعليقات

‏قال Lobna Ahmed Nour
أنا بحبك يا إيمان
‏قال سوبيا
وأنا كمان بحبك يا لبنى.
‏قال هدير عرفة
انا كمان بحبك؛
هدير
‏قال سوبيا
انا بحبك يا هدير

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نعرف هذه الأيام جيدا حتى سئمناها (٢)

تمارين كتابة مع أوسة(١)