عيون واسعة ترى العالم.

عيون واسعة ترى العالم
أو حكاية عجوز تحاول اللحاق بصداقة شاعرها المفضل* الشاب الذي يكتب كثيرا عن الموت ويصدمه انعكاس نظارته في المرآة

عرفتُ الكثير من النساء. عرفت نساء عجنّ للحياة، وعرفت نساء نذرن للموت، عرفت نساء اتشحن بالإيمان كشال من الإسمنت وعرفت نساء تحممن بالكيروسين تحت ضوء القمر.
عرفت من الأبناء أكثر من قدرة جسدي اليابس على الإنبات أو قدرة عقلي المتقيح على التربية، عرفت من الأهل أكثر من قدرة ظهري على التحمل، وأكبر من قدرة أصابعي على الرسم.
عرفت امرأة وهبت نفسها للذكرى، طهت عمرها كاملا في وجبة واحدة وحين مر حبيبها أخيرًا بدا أكثر مللًا من أن يلوك خبزها الذي قدده  السهر والانتظار. وعرفت امرأة أطعمت قلبها لكل من عرفتهم علها تتعلم كيف تحب نفسها يوما واحدا.
عرفت اليأس. عندما تولد بجسد يابس كورقة بردي، متشقق كمزهرية من الخزف أعيد ترميمها - تعلم كيف تقوم بوظيفتها لكنها لن تكون كالآخرين أبدا، الموت سيشبه المخلص في ليالي التعب لذا ستتربى مع فكرة وجوده، يكبر معك كأخ متسلط يختار لك ما تلبسه أو أخت كبرى لئيمة فتلعق المر كل ليلة لأن أختك الكبرى تذكرك كل لحظة بطبق الجيران الذي كسرته وتهدد أن تشي بك للإله. وأخوك يريدك أن ترحل لأن البيت له وحده في نهاية الأمر .
عرفت اليأس.. وعرفت الفرح. فرحت كل مرة كطفل. بدهشة الاكتشاف وبكارة الإنفعالة الأولى مرة بعد أخرى، وعرفت الهدوء اللذج الي يلي كل سخافة عبرها مارة ولونوها بلون فاقع فوق حجاب عجوز في الرابعة والستين. وأفرح بالكتب وأنساها وأفرح بها مرة أخرى.
وعرفت الأمل.. كل مرة أخبرت من أحب أنني أحبه أو حين فعل.
لا أعلم كثيرا عن الموت لكن قدمي على الطريق نقطة ماء ساقطة فوق نهر. لا أعلم كثيرا عن الحكمة لكنني ذاكرت أخطائي حتى توسدت السلامة، ليس لدي الكثير لأكتب لك عنه لكنني ورثت عن أمي مهارتها في صنع الفطائر، وحين كنا نلتف حولها   بينما تعده كانت تتحول لشهرزاد في الثالثة والأربعين من عمرها بلسان كبئر صاف، وعيون واسعة ترى العالم.

من مكاني أمام البيت أرى تجمعات الصغار يلعبون مع البيت والشارع والبلاط الملصوق أمام الجامع ومع الكرة ومع الخشب من المنشرة القريبة. الصغير هناك يلعب وحده بين الثالثة والرابعة من العمر، يرص قطع الأخشاب المكعبة فوق بعضها. عندما سقطت في المرة الأولى علاه استغراب برئ وعندما رصها مرة أخرى وسقطت علاه ضحك، وفي المرة الثالثة على ضحكه أكثر  . مرة بعد أخرى يرص القطع فوق بعضها ويضحك ويبدو العالم أجمل، قصائدك تتراص أمامي فوق بعضها فأبتسم ويبدو العالم أجمل.. قليلا.


تعليقات

‏قال Lobna Ahmed Nour
الله .. الله .. الله
‏قال سوبيا
إنت إيه رأيك؟
‏قال سوبيا
بس عموما هي بس كدا آه

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نعرف هذه الأيام جيدا حتى سئمناها (٢)

تمارين كتابة مع أوسة(١)